منتديات أخوات في الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أخوات في الله

اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحب : محاولة للفهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sarah

sarah


انثى عدد الرسائل : 124
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 23/06/2008

الحب : محاولة للفهم Empty
مُساهمةموضوع: الحب : محاولة للفهم   الحب : محاولة للفهم Icon_minitimeالجمعة 04 يوليو 2008, 17:53

الحب : محاولة للفهم 2004-014


نقلت لكم هذه المقالة للدكتورة ديمة طارق طهبوب أرجو أنكم تستفيدون منها



الحب : أكثر الكلمات تداولا في قاموس البشرية جمعاء، أكثر الكلمات وضوحا و أكثرها غموضا، أشدها تعبيرا
عن الصدق و أشدها تجلية للزيف، مضغة في فم من يجيد فنون الكلام والتزين ، جوهرة مكنونة في القلب لمن أدرك خفايا اللطف والود وجمال الحياء والستر عن المتطفلين، محصور لمن ضاق أفقه فيما بين رجل وإمرأة ، محلق بين سماوات سبع وأرضين سبع بملائكة تنادي من لدن رب ودود "ما وسعتني سمائي و لا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن".
وما بين التحليق والهبوط معين من المعاني ومنظرون ومصلحون ومفسدون ومن قبل وبعد قوانين إلهية تحكم نواميس الحب لتميز الخبيث من الطيب، وأعظم درجات الحب وأرقاها محبة الله سبحانه و تعالى التي تنبثق منها جميع المحآب وقد ورد في الظلال في تفسير الحب في قوله تعالى "يحبهم ويحبونه" في سورة المائدة : "هو الحب والرضى المتبادل بين العباد وربهم ، هذا الروح الساري اللطيف الرفاف المشرق ، وحب الله لعبد من عبيده أمر لا يقدر على إدراك قيمته إلا من يعرف الله سبحانه بصفاته كما وصف نفسه والا من وجد إيقاع هذه الصفات في حسه و نفسه و شعوره وكينونته كلها... و حب العبد لربه نعمة لهذا العبد لا يدركها كذلك إلا من ذاقها، و هو إنعام هائل عظيم وفضل غامر جزيل"، وقد ذكر العلماء أن محبة الله جزء من الإيمان تزيد بقوته أو هي سبب في زيادته و تنقص بفتوره ، و من الأسباب المحفزة على محبة الله قطع علائق الدنيا من القلب وزيادة معرفة الله بأسمائه وصفاته والتخلق بها في واقع الحياة ، وقد ورد في الأثر أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى بعض عباده" إن لي عبادا من عبادي يحبوني وأحبهم، و أشتاق إليهم و يشتاقون إلي، و يذكروني وأذكرهم، فإن حذوت طريقهم أحببتك، وان عدلت عنهم مقتك، قال: يا رب و ما علامتهم؟ قال: يرعون الظلال بالنهار كما يرعى الشفيق غنمه ويحنون الى غروب الشمس كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب، فإذا جنهم الليل، و اختلط الظلام، و فرشت الفرش، وخلا كل حبيب بحبيبه، نصبوا أقدامهم وافترشوا وجوههم وناجوني بكلامي وتملقوني بأنعامي، فبين صارخ و باك، و بين متأوه و شاك، وبين قائم وقاعد، وبين راكع وساجد، بعيني ما يتحملون من أجلي، و بسمعي ما يشكون من حبي".
وهذا الحب لا ينفك عن محبة خير الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي بها كمال الإيمان، محبة فوق محبة المرء لنفسه وأهله وماله والناس أجمعين، محبة لمن سبق أتباعه بالمحبة فادخر لهم شفاعته في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، وبثهم شوقه في حديث يوصل محبته إلى كل من تبعه على دين الإسلام إلى يوم القيامة فقال لصحابته وإخوانه اشتقت إلى أحبابي، أقوام يؤمنون به صلى الله عليه وسلم ولم يروه، ولعل هذا الزمن المنتكس الذي يتاجر بالحب ومعانيه السامية، الذي تجرأ فيه الحثالة على سيد ولد آدم وأكرم من وطأ التراب لهو أيضا زمن إثبات المحبة من أتباعه بالتمسك بسنته صلى الله عليه و سلم و العض عليها بالنواجذ.
ولما أودع الله في النفس البشرية شقي الخير و الشر والفجور و التقوى، انسحبت هاتين الطبيعتين على جميع مشاعر الإنسان وتصرفاته، فصير الحب محمودا ومرغوبا يصعد كلما طيبا وعملا صالحا متقبلا يزكو و ينمو عند رب العزة، أو يرتد فجورا ومعصية وشهوة حيوانيه، ولذا قيد الإسلام الحب بما يكفل صفائه وأحاطه بالعفة والحياء وغض البصر وقصر النظر الذي يعتبر أول المداخل للحب فجاء في حديث ضعفه بعض أهل العلم و صححه بعضهم الآخر: "من أحب فعف فمات فهو شهيد"، وجعل الصوم للشباب غير القادرين على أكمال حبهم بالزاواج وقاية من الوقوع في الخطيئة، وحثهم على غض البصر وجعل أجرهم نورا و بصيرة يقذفها الله في قلوبهم و رغبهم في سلوك طريق الأنبياء فقال في ذلك احد الصالحين" من ملك شهوته في حال شبيبته صيره الله ملكا في حال كهولته كيوسف عليه السلام الم يقل سبحانه" انه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين".
وقد تفتق العرب بما منحته لهم جزالة العربية ورقة اللغة و التشبيهات والصور فوضعوا أسماء متعددة للحب تبين درجاته وارتقاء المحبين في منازله فقالوا أن أصل كلمة الحب الصفاء لأن العرب تقول لصفاء بياض الأسنان حبب الأسنان، و قالوا الكلمة مأخوذة من الحب جمع حبه و هو لباب الشيء وخالصة وأصله، وقيل بل مأخوذة من حبة القلب وهي سويداؤه ويقال ثمرته فسميت المحبة لذلك لوصولها إلى حبة القلب، و وضع العرب للحب أسماء متعددة منها الهوى و الصبوة والصبابة والشغف والوجد والعشق والجوى والتباريح واللوع والخبل والوله، وقالوا في تعريف الحب: هو الميل الدائم بالقلب الهائم وإيثار المحبوب على جميع المصحوب وثبات القلب على أحكام الغرام و لو زاد فيه الملام، وقال أهل التصوف في تعريف محبة الله أنه موافقة الحبيب في المشهد والمغيب وهو الإحسان الذي ذكره حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن يعبد الإنسان الله كأنه يراه.
وقد اختلف المنظرون في مقدمات الحب وما يقود إليه وهل هي الحواس الخمسة أم أشياء غير منظوره أم تقادير خفيه وفي وصف بعض المقدمات قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقـــــــــاء
ففراق يكون فيه دواء أو فراق يكون منه الداء
وعلى عكس ما يتداوله الناس من أن هذا البيت تشجيع على سلوك هذه المسالك لبلوغ الحب، فإن الشاعر عنون ذات القصيدة بكلمة "خدعوها" ومطلعها:
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء
وفي نفسه أن يقول أن هذه الطرق ليست إلا ضلالة وسراب لا تركض وراءها إلا من خلت نفسها من ماء الحياء والطهر.
وأما زمرة المجانين، عذريين وغير عذريين، فلهم عند العرب تاريخ وحاضر ومستقبل فرخ زمرا من المجانين على أثرهم بالرغم انهم ما نالوا من الحب إلا اسمه أم كماله واكتماله فماتوا دون تحقيقه كقيس ليلى و جميل بثينة و لقد كان حب جميل لبثينة شرارته سب و بغض قال فيه:
وأول ما قاد المودة بيننــــــا بواد بغيض يا بثين سباب
فقلت لها قولا فجاءت بمثله لكل كلام يا بثين جـــــواب
وقد أورد الأصمعي من قصص المجانين قصة شاب عاشق كانت نهايته أن نحر نفسه بالهوى، كتب إلى الأصمعي يسأله:
أيا معشر العشاق بالله خبروا إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع؟
فرد عليه الأصمعي:
يداري هواه ثم يكتم سره و يخشع في كل الأمور ويخضع
فسأله الشاب ثانيا:
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى وفي كل يوم قلبه يتقطع
فرد الأصمعي:
إذا لم يجد كتمانا لسره فليس له شيء سوى الموت ينفع
في اليوم التالي وجد الشاب ملقى وقد قتل نفسه وبجانبه رسالة:
سمعنا فأطعنا ثم متنا فبلغوا سلامي إلى من كان بالوصل يمنع
هنيئا لأرباب النعيم نعيمهــم وللعاشق المسكين ما يتجــــــــرع
أما الرافعي فقد أبدع في تصوير ما يمكن أن يسمى بالحب التكاملي الذي يبدأ بشعور قلبي لشخص أو أشخاص حتى يشمل العالم بأسره فقال: "ليس بحب إلا ما عرفته ارتقاء نفسيا تعلو فيه الروح من حب نفسك في حبيب تهواه، إلى حب دمك في قريب تعزه، إلى حب الإنسانية في صديق تبره، إلى حب الفضيلة في إنسان رأيته إنسانا فأجللته وأكبرته، والحب بعض الإيمان، وكما أن الطريق إلى الجنة من الإيمان بكل قوى النفس، فإن الطريق إلى الحب من قوة لا تنقص عن الإيمان إلا قليلا، والخطوة التي تقطع مسافة قصيرة إلى القلب، تقطع مسافة طويلة إلى السماء".
وبهذا الطهر والخلود تسوق لنا السيرة النبوية نماذج مفعمة بالحب في أعمق صوره فنجد معلم الأمة صلى الله عليه و سلم يقول عن زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها أنه رُزق حبها ويعترف لها بفضل الإيواء والنصرة و السند عندما حاربه العالم و خلا ممن يؤنسه الاها، و يصرح تصريحا لا لبس فيه ليعلم رجال أمته من الأزواج ضرورة التصريح بالحب أن أحب الناس إليه السيدة عائشة رضي الله عنها.
وقد وعى بعض المصلحين والدعاة هذا الفقه المتكامل في الحب فوضعوا كتبا بعنوان "الدعوة إلى الله حب"، حب يحمل الدعاة إلى الاصطبار على الناس وأخذهم بالود واللين والموعظة الحسنه ليستقيموا على طريق الخير، ولسان حالهم مع أقوامهم ما قاله أحد الدعاة:" ونحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا و أنه حبيب إلى نفوسنا أن تذهب فداء لعزتهم ان كان فيها الفداء و أن تزهق ثمنا لمجدهم وكرامتهم و دينهم وآمالهم ان كان فيها الفناء وما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا و ملكت علينا مشاعرنا فأقضت مضاجعنا وأسالت مدامعنا وأنه عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا فنحن لكم أيها الأحباب و لن نكون عليكم يوما من الأيام".
ختاما عندما تدهور نظر جدتي من البكاء على جدي رحمه و هي التي أمضت معه خمسين سنة من الحياة الزوجية، لم يرها قبل زواجه بها سوى مرات تعد على أصابع اليد، أدركت أن في الحب شيئا آخر غير ما قرأته في الكتب، عندما كنت أنظر للوهج في عينيهما، للغضب إذا سافر أو بعد أحدهما عن الآخر، أدركت أن هناك سرا يقذفه الله سبحانه وتعالى في قلوب عباده فيتحابون به ملاكه ما جاء في القول أن ما كان لله دام و اتصل و ما كان لغيره انقطع و انفصل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://akhawat.forumperso.com
 
الحب : محاولة للفهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أخوات في الله :: الأدب و الشعر :: الكتابات و المقالات-
انتقل الى: